الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد:
جرت سنة الله عند إرسال رسله إلى خلقه، ، أن يؤيدهم بأمور حسية تخالف السنن الكونية، وتشذ عن النواميس الطبيعية، وتكون من قبيل ما استحكم في زمانهم، وغلب على خاصتهم، وعظم في نفوس عامتهم، لتكون معجزة الرسول المرسل إليهم , ومبطلة لأقوى الأشياء في حسبانهم، فقد أيد الله جل جلاله موسى عليه السلام - وكان عصره عصر سحر - بفلق البحر، وانقلاب العصا حية تسعى ، وانبجاس الحجر الصلد بعيون الماء .
وأيد عيسى عليه السلام - وكان عهده عهد طب - بإبراء الأكمه والأبرص وخلق الطير من الطين، وإحياء الموتى بإذنه.
ولما أرسل رسوله محمدا، صلى الله عليه وسلم، إلى الناس أجمعين، وجعله خاتم النبيين - أيده بمعجزات حسية كمعجزات من سبقه من المرسلين، وخصه بمعجزة خالدة، وهى إنزال القرآن الكريم، الذي لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله لم يأتوا ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.
وكان ذلك في زمان سما فيه شأن البيان، وجلت مكانته في صدور أهله،
وعرفوا باللسن والفصاحة، وقوة العارضة في الإعراب عن خوالج النفوس، والإبانة عن مشاعر القلوب ,
فأدهش القرآن العرب لما سمعوه، وحير ألبابهم وعقولهم بسحر بيانه، وروعة معانيه، ودقة ائتلاف ألفاظه ومبانيه.
ولقد كان القرآن ينزل متفرقاً على النبي صلى الله عليه وسلم في أزمنة متباعدة فنزل في ثلاث وعشرين سنة , وفي أماكن متفرقة كذلك , حفظه وحفظته الأمة من بعده تصديقاً لقول الله تعالى :{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون}الحجر: 9
إلا أنه من المعلوم والمتقرر عند أهل العلم أن بعضاً مما نزل نُسخ , ولم يستقر في العرضة الأخيرة قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم , والتي عليها جُمع القرآن في عهد الخليفتين الراشدين أبي بكر , وعثمان رضي الله عنهما , وعليه أجمع المسلمون بالقطع بقرآنيته , ورد ما عداه , وتحقيقاً لهذا وضع أهل العلم أركاناً للقراءة المقبولة , لتكن ضابطاً ومعيناً لمعرفة المقبول من عدمه , حاولت في هذا البحث جمع شتاته , وتقريب مسائله وجعلت عنوانه :
أركان القراءة المقبولة
وجاء في تمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة.
التمهيدوتحته أربعة مطالب:
المطلب الأول: تعريف القراءات لغة واصطلاحا .
المطلب الثاني: أركان القراءة المقبولة , وأول من صّرح بها.
المطلب الثالث : أهمية أركان القراءة المقبولة .
المطلب الرابع: تحديد مصطلح القراءة المقبولة .
المبحث الأول :صحة السند ,وتحته مطلبان:
المطلب الأول:المراد بهذا الركن.
المطلب الثاني:مسائل تتعلق بهذا الركن.
المبحث الثاني: موافقة رسم المصحف, وتحته ثلاثة مطالب:
المطلب الأول:أهمية هذا الركن , والمراد به .
المطلب الثاني: الرسم وأقسامه .
المطلب الثالث:مسائل تتعلق بهذا الركن.
المبحث الثالث : موافقة اللغة العربية , وتحته مطلبان :
المطلب الأول : المراد بهذا الركن,وأمثلة توضحه.
المطلب الثاني:مسائل تتعلق به.
الخاتمة: وفيها أهم النتائج .